بسم الله الرحمن الرحيم
الصلاة هي آكد أركان الإسلام بعد الشهادتين، وقد وضعت على أكمل وجوه العبادة وأحسنها، وقد تضمنت هذه الصلاة كثيرا من أنواع العبادة، أن ذكر الله، وتلاوة لكتابه، وقيام بين يدي الله، وركوع، وسجود، ودعاء، وتسبيح، وتكبير، وهي رأس العبادات البدنية، ولم تخل منها شريعة رسول من رسل الله.
وقد فرضها الله على نبيه محمد صلى الله عليه وسلم خاتم الرسل ليلة المعراج في السماء؛بخلاف سائر الشرائع؛ فدل ذلك على عظمتها وتأكد وجوبها ومكانتها عند الله.
وقد جاء في فضلها ووجوبها على الأعيان أحاديث كثيرة، وفرضيتها معلومة من دين الإسلام بالضرورة، فمن جحدها؛ فقد ارتد عن دين الإسلام، يستتاب، فإن تاب، وإلا؛ قتل بإجماع المسلمين.
والصلاة في اللغة: الدعاء، قال الله تعالى: {وَصَلِّ عَلَيْهِمْ} أي: ادع لهم... ومعناها في الشرع: أقوال وأفعال مخصوصة مفتتحة بالتكبير مختتمة بالتسليم، سميت بذلك لاشتمالها على الدعاء؛ فالمصلي لا ينفك عن دعاء عبادة أو ثناء أو طلب؛ فلذلك سميت صلاة، وقد فرضت ليلة الإسراء قبل الهجرة خمس صلوات في اليوم والليلة بدخول أوقاتها على كل مسلم مكلف قال تعالى: {إِنَّ الصَّلَاةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَابًا مَوْقُوتًا} أي: مفروضا في الأوقات التي بينها رسول الله صلى الله عليه وسلم بقوله وبفعله وقال تعالى:{وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاءَ وَيُقِيمُوا الصَّلَاةَ} وقال تعالى: {وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ} في مواضع كثيرة من كتابه الكريم وقال تعالى:{قُلْ لِعِبَادِيَ الَّذِينَ آمَنُوا يُقِيمُوا الصَّلَاةَ} وقال سبحانه:{فَسُبْحَانَ اللَّهِ حِينَ تُمْسُونَ وَحِينَ تُصْبِحُونَ وَلَهُ الْحَمْدُ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَعَشِيًّا وَحِينَ تُظْهِرُونَ} فمن أتى عليه وقتها وهو بالغ عاقل؛ وجبت عليه؛ إلا حائضا ونفساء؛ فلا تجب عليهما، ولا يقضيانها إذا طهرتا إجماعا، ومن كان زائل العقل بنوم أو إغماء ونحوه، وجب عليه القضاء حين يصحو قال تعالى: {وَأَقِمِ الصَّلَاةَ لِذِكْرِي} وقال صلى الله عليه وسلم:(ومن نام عن صلاة أو نسيها، فليصلها إذا ذكرها) رواه مسلم
ويلزم ولي الصغير أن يأمره بالصلاة إذا بلغ كسبع سنين وإن كانت لا تجب عليه، ولكن؛ ليهتم بها، ويتمرن عليها، وليكتب له ولوليه الأجر إذا صلى؛ لعموم قوله تعالى:{مَنْ جَاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثَالِهَا} وقوله صلى الله عليه وسلم لما رفعت إليه امرأة صبيا، فقالت: ألهذا حج؛ قال: (نعم، ولك أجر) فيعلمه وليه الصلاة والطهارة لها.
ويجب على الولي أن يضرب الصغير إذا تهاون بالصلاة وقد بلغ عشر سنين، لقوله صلى الله عليه وسلم: (مروا أبناءكم بالصلاة وهم أبناء سبع سنين، واضربوهم عليها لعشر، وفرقوا بينهم في المضاجع) رواه أحمد وأبو داود والترمذي وغيرهم.
ولا يجوز تأخير الصلاة عن وقتها قال الله تعالى:{إِنَّ الصَّلَاةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَابًا مَوْقُوتًا} أي: مفروضة في أوقات معينة، لا يجوز تأخيرها عنها؛ إلا لمن يريد جمعها مع ما بعدها جمع تأخير، إذا كانت مما يجمع، وكان ممن يباح لهم الجمع، وأما تأخير صلاة الليل إلى النهار أو صلاة النهار إلى الليل أو الفجر إلى ما بعد طلوع الشمس، فلا يجوز بحال من الأحوال؛ لا لجنابة، ولا نجاسة، ولا غير ذلك، بل يصليها في وقتها على حسب حاله.
وبعض الجهال قد يكون في حالة علاج في المستشفى على سرير لا يستطيع النزول منه، أو لا يستطيع تغيير ثيابه التي عليها نجاسة، أو ليس عنده تراب يتيمم به، أو لا يجد من يناوله إياه، فيؤخر الصلاة عن وقتها، ويقول: أصليها فيما بعد إذا زال العذر، وهذا خطأ عظيم، وتضييع للصلاة، أوقعه فيه الجهل وعدم السؤال؛ فالواجب على مثل هذا أن يصلي على حسب حاله في الوقت، وتجزئه صلاته في هذه الحالة، ولو صلى بدون تيمم أو بثياب نجسة، قال الله تعالى: {فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ} حتى ولو صلى إلى غير القبلة إذا كان لا يستطيع استقبال القبلة؛ فصلاته صحيحة.
ومن ترك الصلاة تهاونا أو كسلا من غير جحد لوجوبها كفر على الصحيح من قولي العلماء، بل هو الصواب الذي تدل عليه الأدلة كحديث: (بين الرجل وبين الكفر ترك الصلاة) رواه مسلم، وغيره من الأدلة
وينبغي الإشاعة عن تاركها بتركها ليفتضح حتى يصلي، ولا ينبغي السلام عليه، ولا إجابة دعوته، حتى يتوب ويقيم الصلاة؛ لأن الصلاة عمود الدين، وهي الفارقة بين المسلم والكافر؛ فمهما عمل العبد من الأعمال؛ فإنه لا ينفعه ما دام مضيعا للصلاة. نسأل الله العافية.