ومن السنن سجود التلاوة، سمي بذلك من إضافة المسبب للسبب؛ لأن التلاوة سببه، فهو سجود شرعه الله ورسوله عبودية عند تلاوة الآيات واستماعها؛ تقربا إليه سبحانه، وخضوعا لعظمته، وتذللا بين يديه.
ويسن سجود التلاوة للقارئ والمستمع، وقد أجمع العلماء على مشروعيته. قال ابن عمر رضي الله عنهما: (كان النبي صلى الله عليه وسلم يقرأ علينا السورة فيها السجدة، فيسجد، ونسجد معه، حتى ما يجد أحدنا موضعا لجبهته) متفق عليه. قال الإمام العلامة ابن القيم رحمه الله: " ومواضع السجدات أخبار وأوامر: خبر من الله عن سجود مخلوقاته له عموما أو خصوصا؛ فسن للتالي والسامع أن يتشبه بهم عند تلاوته آية السجدة أو سماعها، وآيات الأوامر - أي: التي تأمر بالسجود - بطريق الأولى ". وعن أبي هريرة مرفوعا: (إذا قرأ ابن آدم السجدة، فسجد؛ اعتزل الشيطان يبكي، يقول: يا ويله ! أمر ابن آدم بالسجود، فسجد؛ فله الجنة؛ وأمرت بالسجود، فأبيت، فلي النار) رواه مسلم وابن ماجه. ويشرع سجود التلاوة في حق القارئ والمستمع، وهو الذي يقصد الاستماع للقراءة، وفي حديث ابن عمر: (كان النبي صلى الله عليه وسلم يقرأ علينا السورة فيها السجدة؛ فيسجد ونسجد معه) ففيه دلالة على مشروعية سجود المستمع، وأما السامع، وهو الذي لم يقصد الاستماع؛ فلا يشرع في حقه سجود التلاوة؛ لما روى البخاري؛ (أن عثمان رضي الله عنه مر بقارئ يقرأ سجدة ليسجد معه عثمان؛ فلم يسجد، وقال: " إنما السجدة على من استمع) وروي ذلك عن غيره من الصحابة. وسجدات التلاوة والقرآن؛ في: الأعراف، والرعد، والنحل، والإسراء، ومريم، والحج، والفرقان، والنمل، و (ألم تنزيل) ، و (حم) السجدة، والنجم، والانشقاق، و {اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ} وفي سجدة (ص) خلاف بين العلماء، هل هي سجدة شكر أو سجدة تلاوة؛ والله أعلم
ويكبر إذا سجد للتلاوة لحديثابن عمر: (كان عليه الصلاة والسلام يقرأ علينا القرآن، فإذا مر بالسجدة؛ كبر، وسجد، وسجدنا معه) رواه أبو داود. ويقول في سجوده: " سبحان ربي الأعلى "؛ كما يقول في سجود الصلاة، وإن قال: (سجد وجهي لله الذي خلقه وصوره، وشق سمعه وبصره، بحوله وقوته، اللهم اكتب لي بها أجرا، وضع عني بها وزرا، واجعلها لي عندك ذخرا، وتقبلها مني كما تقبلتها من عبدك داود) ؛ فلا بأس. والإتيان بسجود التلاوة عن قيام أفضل من الإتيان به عن قعود
أيها المسلم ! إن طرق الخير كثيرة، فعليك بالجد والاجتهاد فيها، والإخلاص في القول والعمل، لعل الله أن يكتبك من جملة السعداء