فإنه لما استشهد عدد كبير من حفظة القرآن في موقعة اليمامة، وخشي الصحابة على ضياع القرآن ذهبوا إلى أبي بكر يعرضون عليه فكرة جمع القرآن، فكان متحرجًا أشد التحرج من هذا العمل الجليل، قال:
كيف أفعل شيئًا لم يفعله رسول الله ؟
ورسول الله لم ينه عن جمعه، ولكن كان من عادة الصديق أن ينظر إلى فعل رسول الله قبل الإقدام على أي عمل، فما وجده اتبعه، فلما نظر ولم يجد رسول الله قد جمع القرآن تهيب الموقف، واحتار، ولكنه لما اجتمع عليه الصحابة، وأقنعوه وخاصة عمر، استصوب جمعه لما فيه من خير.
وهكذا في كل مواقفه ستجد حبًّا عميقًا لرسول الله ، دفعه إلى اليقين بصدق ما قال، ودفعه أيضًا إلى الاقتداء به في كل الأفعال والأقوال، ومع ذلك فإن هذا الحب العميق لم يدفعه إلى الظلم أبدًا.