في اليوم الثاني بدأ رسول الله والمؤمنون الأوائل يتحركون من جديد بالدعوة لانتقاء عناصر جديدة.
والحق أن أبا بكر الصديق كان إيجابيًّا بدرجة لا يمكن وصفها ولا تخيلها، أبو بكر الصديق تحرّك بالدعوة وكأنها أنزلت عليه هو، لم تكن الدعوة عنده مجرد تكاليف من الرسول ، ولكن هو الحب للإسلام الذي ملأ قلب الصديق ، وحبه لحمل الخير لكل الناس، وفي الوقت نفسه حبه هو لكل الناس.
نتج عن حبه للدين وحبه للناس حماسة دعوية على أعلى مستوى تصل إليه من التفكير، وظل الصديق على هذه الروح في حمل الرسالة إلى أن مات ، وظل يحمل همّ الدعوة، ويتحمل مسئولية الإسلام، وكأنه ليس على الأرض مسلم غيره، إيجابية قصوى.
في أول تحرك للصديق أتى للإسلام بمجموعة رائعة من المسلمين الجدد، وقِفْ مع كل اسم لحظة، أو لحظات لتعرف بلاءه في الإسلام ونصرته لدين الله ، لقد أتى الصديق بعثمان بن عفان، وتفكر في سيرة عثمان ، مجهِّز جيش العسرة، ومشتري بئر رومة، وموسع المسجد النبوي، تفكر في خلافته للمسلمين اثني عشر عامًا، تفكر في حياة فيها إنفاق، وفيها علم، وفيها جهاد، وفيها صيام، وفيها قيام، وفيها قراءة للقرآن، فعثمان بن عفان رغم كل هذه الأعمال حسنة من حسنات أبي بكر الصديق
- الزبير بن العوام.
- سعد بن أبي وقاص.
- طلحة بن عبيد الله.
- عبد الرحمن بن عوف. رضي الله عنهم أجمعين.
من المؤكد أن أغلب المسلمين يعرفون قدرهم، وما قدموه للإسلام، وهؤلاء الخمسة من العشرة المبشرين بالجنة، وكلهم في ميزان حسنات أبي بكر الصديق .
الحدث فعلاً عجيب، فهؤلاء لا يغيّرون شيئًا بسيطًا في حياتهم، لا يغيّرون طعامًا أو شرابًا، لا يغيّرون وظيفة أو سكنًا، إنما يغيّرون ديانتهم، يغيّرون عقيدتهم، يغيّرون أمرًا استمرت به مكة مئات السنين، يسبحون ضد التيار.
أي قوة إقناع كانت عند الصديق حتى يقنع هؤلاء الخمسة بأمر الإسلام؟! أي صدق كان في قلب الصديق حتى يهدي الله هؤلاء الخمسة العظام على يده ؟!
والغريب أن هؤلاء الخمسة لم يكونوا من قبيلته (بني تيم) باستثناء طلحة بن عبيد الله .
عثمان أموي، والزبير أسدي، وسعد بن أبي وقاص وعبد الرحمن بن عوف من بني زهرة، من المؤكد أن علاقات الصديق كانت قوية جدًّا، ووثيقة جدًّا بهؤلاء قبل الإسلام، من المؤكد أنهم كانوا يحبونه حبًّا عظيمًا، فالخطوة الأولى في الدعوة كما ذكرنا سابقًا هي الحب.
ثم أيضًا نظرة على الأعمار:
- الزبير بن العوام خمس عشرة سنة.
- طلحة بن عبيد الله ست عشرة سنة.
- سعد بن أبي وقاص سبع عشرة سنة.
- عثمان بن عفان ثماني وعشرون سنة.
- عبد الرحمن بن عوف ثلاثون سنة.
كل هؤلاء أخذوا قرار تغيير الدين والارتباط بالإسلام وتحمل المشاق ومواجهة أهل مكة جميعًا، أخذوا هذا القرار وهم في هذه السن المبكرة.
الزبير وطلحة وسعد لو كانوا في زماننا لكانوا في المرحلة الثانوية.
هل أولادنا في هذه المرحلة عندهم من الوعي والإدراك، وتحمل المسئولية والقدرة على الفهم والتفكير واستنباط الصحيح من الخطأ، والحق من الباطل مثل الذي كان عند هؤلاء الشباب من الصحابة؟