لما جاء رسول الله إلى بيت أبي بكر في ساعة لم يكن يأتيهم فيها، أول ما قاله أبو بكر قال: فداء له أبي وأمي، والله ما جاء به في هذه الساعة إلا أمر.
- ولما أخبره رسول الله بأمر الهجرة قال أبو بكر الصديق بلهفة: الصُّحْبَةُ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قال رسول الله : الصُّحْبَةُ.
فماذا كان رد فعل أبي بكر لما علم أنه سيصاحب رسول الله ؟
أترك لكم السيدة عائشة تصور هذا الحدث: قالت: فوالله ما شعرت قط قبل ذلك اليوم أن أحدًا يبكي من الفرح، حتى رأيت أبا بكر يبكي يومئذ.
يا الله، يبكي من الفرح للصحبة مع رسول الله ، مع أن هذه الصحبة الخطيرة سيكون فيها ضياع النفس، فمكة كلها تطارده ، ويكون فيها ضياع المال، ويكون فيها ضياع الأهل، ويكون فيها ترك البلد، لكن ما دامت في صحبة رسول الله ، فهذا أمر يبكي من الفرح لأجله.
عند الوصول إلى غار ثور
ولما انتهيا إلى الغار قال أبو بكر: والله لا تدخله حتى أدخله قبلك، فإن كان فيه شر أصابني دونك. فدخل فكسحه، ووجد في جانبه ثقبًا، فشق إزاره وسدها به، وبقى منها اثنان فألقمهما رجليه، ثم قال لرسول الله : ادخل. فدخل رسول الله ، ووضع رأسه في حجره ونام، فلُدغ أبو بكر في رجله من الجُحر، ولم يتحرك مخافة أن ينتبه رسول الله ، فسقطت دمعة على وجه رسول الله فقال: مَا لَكَ يَا أَبَا بَكْرٍ؟ قال: لدغت فداك أبي وأمي. فتفل رسول الله فذهب ما يجده.
أخرج الحاكم في مستدركه عن عمر بن الخطاب قال: خرج رسول الله إلى الغار، ومعه أبو بكر، فجعل يمشي ساعة بين يديه، وساعة خلفه، حتى فطن له رسول الله ، فسأله، فقال له: أذكر الطلب فأمشي خلفك، ثم أذكر الرصد فأمشي بين يديك. فقال: يَا أَبَا بَكْرٍ لَوْ شَيْءٌ أَحْبَبْتَ أَنْ يَكُونَ بِكَ دُونِي؟. قال: نعم، والذي بعثك بالحق.